جاء تزامن موسم الإنتخابات البرلمانية مع موسم عيد الأضحي المبارك..وعلي الرغم من إختلاف أمر كل منهما إلا ان الواقع شهد حالة ربط بين الأمرين من جانب المرشحين ،فقد تسارعت إيقاعات الحملات الإنتخابية في جميع الدوائر وجعلت من موسم العيد يشهد مبارزة سياسية وأستغلت صلاة العيد كفرصة إنتهازية لكسب تأييد أكبر عدد من المواطنين .
جميع الدوائر الإنتخابية وبخاصة التي تحوي أحياء شعبية عديدة شهدت لجوء جميع مرشحي الشعب لدعم الأهالي بتوزيع اللحوم قبل العيد بأيام ،وبالطبع لم تكن هذه الحنية الغير مسبوقة مساندة خيرية من هؤلاء المرشحين للفقراء والمحتاجين كما يبدو مظهرها ، بقدر كونها وسيلة دعائية لهم بمناسبة الإقبال علي الإنتخابات البرلمانية بعد العيد بأيام، ومحاولة لجذب أصوات هؤلاء المواطنين الذين لم يعترف بقيمة أصواتهم سوي في فترات ما قبل الإنتخابات .
والمشهد الأعجب منه هو تحول ساحات صلاة العيد لنوع أكبر من الدعاية ، فيبدو أن الحشد الذي لقيه المرشحين في الصلاة كان أكبر من الحشد الذي تجمعه سرادق مؤتمرات دعايتهم الإنتخابية وبالتالي فكان لابد من إستغلال هذا الحشد في جميع الدوائر التي أدي فيها مرشحي الوطني صلاتهم وسط جموع الأهالي فقاموا بتوزيع هدايا قيمة بلغت قيمتها الآلاف ،كما قام جميع المرشحين من الوطني والأخوان والمستقلين وغيرهم بعرض جانب من خدماتهم وأعمالهم التي أدوها بها والتي يرغبون في تقديمها لخدمة أهالي الدوائر في الخطب عقب الصلاة.
فعلي سبيل المثال قام اللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية الإدارية والمرشح لإنتخابات مجلس الشعب عن دائرة الرمل بتأديه صلاة العيد مع ابناء دائرته بمنطقة ابو سليمان ، وعقب الصلاة قام بتوزيع 10 خرفان ومثلهم غسالات وتلاجات وبوتجازات، وغيرهم من الهدايا القيمة التي لم يراها أهالي المنطقة قبل هذا اليوم وكذلك الأمر في صلاة مفيد شهاب و جميع مرشحي الوطني .
وفي المقابل تمثلت خطب مرشح الأخوان صبحي صالح بدائرة الرمل عن مشكلة عدم قبول أوراق الترشيح لمرشحي الأخوان وتقديمهم بلاغات لمنظمات حقوق الإنسان العالمية وغيرها من أطراف الحديث عن الإنتخابات.
جميع هذه الأمور جعلتني أشعر أن صلاة العيد تحولت لساحة مبارزة سياسية يبرز خلالها كل مرشح نفسه بطريقة مباشرة او غير مباشرة وسواء بشكل إغراءات مادية في الهدايا المقدمة او بشكل أكثر تحضراً وإحتراما من خلال الكلمات الرنانة .
لم نجد هذا المشهد التكافلي خاصة من جانب مرشحي الوطني في الإهتمام بالمواطنين ومشاكلهم وإحتياجاتهم وسعي كل مرشح بنفسه للبحث عنها وتخصيص معظم وقته لسردها ومعالجتها قدر المستطاع ، كل هذه المظاهر التكافلية لم تحدث سوي في موسم الإنتخابات .
ولهذا لم أتعجب من مصطلحات واراء عديدة سمعتها من أهالي في دوائر متنوعة مضمونها " اللي يجي منهم أحسن منهم"..."واللي ناخده قبل فوزهم ،مش هنشوفه بعده" ، بالطبع محقين في هذه التعبيرات السلبية والغير مبشرة بالتفاؤل من ساحة المتنافسين علي مقاعد الإنتخابات ،فكم من مرشح دخل ساحة المعركة الإنتخابية ولم ينل منه أبناء دائرته ولو جزء من الخدمات والوعود التي طرب آذانهم بها قبيل فوزه...وكم من أشخاص يسعون جاهدين لمساعدة غيرهم دون سعي وراء هدف برلماني .
فرق بين من يسخر نفسه للخدمة والعطاء لهدف قيادي برلماني أو مركز مرموق ، وبين من يسخرها لمجرد العطاء والشعور بالمسئولية الإنسانية.
وما أريد قوله ان صلاة العيد والمساجد ليست ساحات للدعاية الإنتخابية وهناك طرق عديدة مشروعة واساليب متنوعة للدعاية بداية من اللافتات مروراً بالندوات والمؤتمرات التي يقيمها المرشحون وحتي الفيس بوك والقنوات الفضائية التي استغلت ايضاً في الدعاية للمرشحين .
No comments:
Post a Comment